“الشعر النبطي” من مجالس السعوديين اليومية إلى المناسبات الكبرى
كيف تحول الشعر النبطي من جزء من الحياة اليومية إلى عنصر بارز في المناسبات الكبيرة؟ كان الشعر النبطي جزءاً أساسياً من الحياة اليومية في السعودية خلال الثمانينيات والتسعينيات. كان الناس يتداولون أبيات الشعر بسهولة وتلقائية، من التهاني بشفاء مريض إلى هجاء الأصدقاء بأوزان موزونة. لكنه، مع مرور الوقت وتغير الأجيال، أصبح يُمارس “نسبياً” في المناسبات الكبيرة مثل حفلات الزواج والتكريم، وخاصة في القرى مقارنة بالمدن الكبيرة.
أصل الشعر النبطي وتعريفه
وفقاً للأديب السعودي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري، يُعتبر الشعر النبطي شعر العامة من العرب، وسيلة تعبيرهم عن مشاعرهم بطرق مؤثرة وبسيطة. يعود أصل الشعر النبطي إلى “الأنباط”، شعوب سكنت شمال البلدان العربية، ويُعتقد أنه تطور من الشعر العربي العامي الذي أبدعته قبائل البادية ونقلته عبر الأجيال. في المقابل، يختلف الشعر النبطي عن الشعر العربي الفصيح، حيث أن أغلبه غير مرتجل، بينما يُعد الشعر النبطي المرتجل، مثل “القلطة”، تعبيراً عن الإبداع الفوري دون تهيئة مسبقة.
الشعر النبطي كوسيلة لحل النزاعات
يعتبر الشعر النبطي وسيلة فعالة لحل النزاعات بفضل طبيعته الشعبية وسهولة فهمه. يُستخدم لتسجيل التاريخ، نقل الثقافة، تعليم القيم الأخلاقية والاجتماعية، والتعبير عن المشاعر الإنسانية. يشير الشاعر السعودي مشعل بن حثلين إلى أن الشعر النبطي كان يوثق اللحظات، يحل المشكلات، ويقدم الترفيه في المناسبات، موضحاً أن قلة المجالس التي تحتضن الشعر النبطي اليوم أدت إلى ندرته.
حضور الشعر النبطي في المناسبات الرسمية
يرى المستشار التربوي عبدالرحمن العامري أن الشعر النبطي لا يزال حاضراً في المناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزواج والتكريم، بالإضافة إلى المناسبات الوطنية والمسابقات الثقافية. يؤكد أن الشعر النبطي يحفظ التاريخ والقيم ويحقق التنوع الثقافي، بينما يعزو انتشاره إلى تجسيده لواقع الحياة وسهولة تناقله عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
غياب الشعر النبطي من المناهج الدراسية
تُثير قلة الاهتمام بالشعر النبطي في المدارس تساؤلات حول دوره في التعليم. يشير العامري إلى أن المدارس يمكنها إدخال منهج دراسي لدعم الثقافة المحلية والشعر النبطي، دون أن يكون أساسياً للنجاح أو الرسوب، بل كوسيلة لتنمية مهارات الطلاب. من جهته، يرى ابن حثلين أن التعليم يركز على الشعر الفصيح ويغفل الموروث السعودي، مشدداً على أهمية الاهتمام بالشعر النبطي لتعزيز الثقافة المحلية.
استمرار الإبداع في الشعر النبطي
رغم تراجع الاهتمام بالشعر الشعبي، لا يزال هناك شعراء مبدعون يستخدمون الشعر للتعبير عن هموم العصر ومشكلات الإنسان المعاصر. بينما يشير البعض إلى وجود أعمال بأوزان مكسورة لا تعكس جودة الشعر العربي التقليدي، يستمر الشعر النبطي في إلهام الأجيال والحفاظ على التراث الثقافي.